وثائق تكشف اكبر صفقات الفساد في قطاعات النفط بين
شركة توتال الفرنسية والحكومة اليمنية
صنعاء/عدنان الراجحي:
كشفت وثائق اكبر صفقات الفساد في قطاع
النفط في اليمن بين شركة توتال والحكومة اليمنية ساهم في انهيار الاقتصادي اليمني
خلال السنوات الاخيرة .
وكشف الوثائق التي نشرها الصحفي اليمني
محمد العبسي على مدونته مع قراءة تحليلية
للوثائق التي اوضحت مكامن مكامن الفساد والصفقات التي ابرمت بين شركة توتال
الفرنسية والحكومية اليمنية .
نص التقرير من مدونة الصحفي محمد
العبسي:
كشف وثائق سرية تنشر للمرة الأولى عن بنود
عقد شراكة (لا اتفاق مبدئي تفاهمي) بين شركة توتال وبين الحكومة اليمنية تصبح بموجبها
شركة توتال شريكاً في قطاعين نفطيين هامين هما قطاع 18 (صافر) والقطاع 20 المجاور له
(شبوة ومأرب)، وكلاهما قطاعان تشغلهما الشركة المملوكة للدولة صافر.
لو كشفت هذه الثلاثة أوراق في بلد متقدم
كانت لتطيح بالحكومة. هذه الثلاثة أوراق تعدّ أكبر فضيحة وأوضح واقعة سرقة لثروة اليمن
النفطية للأسباب التفصيلية التالية:
السبب الأول: بيع جبل من ذهب
بقبضة تراب
نصّت المادة الأولى من الاتفاقية على أن
تدفع شركة توتال مبلغ 100 مليون دولار (قاطع مقطوع) للحكومة اليمنية على أن تستردّها
لاحقاً من نفط الربح (أي نفط الكلفة) لا من القطاعين نفسهما، وإنما من قطاع آخر هو
القطاع 10 (شرق شبوة) الذي تديره توتال. بمعنى أن 100 مليون دولار ليست حق امتياز تحصل
عليه الحكومة (أو حتى نقل قدم بالمفهوم العامي) وإنما قرض تستطيع توتال استرداده خلال
أشهر من إنتاج القطاع 10 الذي تديره.
وحتى في حال تم احتساب 100 مليون دولار
كامتياز تحصل عليه الحكومة ولا تستردّه توتال، فإن 100 مليون دولار هي كمن يشتري ساحل أبين من أقصاه إلى أقصاه، أو
شارع الستين بأرضيه وبيوته ومحلاته بـ70 ريال.. (أفْلاس)!
هذا في حال افترضنا أن 100 مليون دولار
هي ثمن شراكة توتال في القطاعين وليس قرضاً تستعيده باليد الأخرى كما ورد في المادة
الأولى من الاتفاقية.
لماذا؟ لأن القطاع 18 صافر الذي تفوق مساحته
قطر عدة مرات، هو أكبر وأنجح قطاع نفطي في اليمن بإنتاج يومي 280 ألف برميل نفط ونفط
مكافئ، منها 40 ألف برميل نفط خام يومياً. أي أن 100 مليون دولار المقدمة من توتال
هي فعلياً، وبأسعار النفط المنخفضة حالياً، ليست سوى إنتاج صافر النفطي لـ3 أيام فقط.
وإلى جانب مصافي مأرب، فإن صافر المنتج
الوحيد في اليمن للتالي:
a) الغاز الطبيعي المسال lng المصدّر
للخارج عبر شركة أخرى هي (يمن lng) الشركة اليمنية للغاز المسال التي ترأسها شركة توتال بحصة 39%.
b) الغاز البترولي (المنزلي) lpg للمستهلك
المحلي (25 ألف برميل يومياً)
c) غاز محطة مأرب الكهربائية (100 مليون قدم مكعب
يومياً) عُشر ما يصدر للخارج.
وعليه فإن الـ100 مليون دولار، أو المليار
دولار، هي كمن يبيع جبل من ذهب بقبضة تراب.
السبب الثاني: لا مناقصة، لا
تنافس، توجيهات فخامة الرئيس
في العادة تعلن حكومات الدول، المتقدمة
أو النامية، عن مناقصة دولية للاستثمار في عدد من القطاعات النفطية المفتوحة. أي القطاعات
غير المنتجة للنفط، وغير الاستكشافية التي تنقّب فيها شركات تنقيب. ثم يتم تأهيل واختيار
عدد من الشركات كمرحلة أولى تتبعها عدة مراحل تنتهي بصياغة العقود والاتفاقيات، ثم
تحال إلى البرلمان من أجل الموافقة عليها وإصدارها في قانون. وهذا ما تفعله الحكومة
اليمنية عادة كان آخرها في 18 أغسطس 2013م عندما أعلن وزير النفط السابق أحمد دارس
عن "تأهل 18 شركة نفطية عالمية للحصول على حق الامتياز في 20 قطاع نفطي".
في هذه الاتفاقية لا يوجد أ،، ب،، ت،، وإنما
ياء على طول.
والأهم أنها قرار بالأمر المباشر. أي من
دون مناقصة ومن دون تنافسية أو إعلان. والأسوأ أنها لقطاعين نفطيين لا يحتاجان إلى
تطوير ولا استكشاف من توتال لكون أحدهما (18 صافر) ينتج أعلى نسبة إنتاج من بين جميع
القطاعات النفطية في اليمن: 280 ألف برميل نفط ونفط مكافئ يومياً، أي خمسة أضعاف ما
تنتجه توتال في القطاع 10 الذي تديره.
السبب الثالث: الدول تمنح الشركات
قطاعات مفتوحة وليس قطاعات منتجة
في عالم النفط تصنف القطاعات (المنصّات)
إلى ثلاثة أنواع:
a. قطاعات إنتاجية (أي منتجة للنفط) وعددها 12
قطاع.
b. قطاعات استكشافية واعدة (تنقّب فيها شركات ولكن النفط لم يستكشف بعد) وعددها
49 قطاعاً نصفها 25 قطاعاً تعمل فيها شركات التنقيب، بينما 24 قطاعاً تحت إجراءات المصادقة
القانونية لاتفاقياتها.
c. قطاعات مفتوحة (قطاعات معروضة للمناقصات والاستثمار)
وعددها 49 قطاعاً.
في العادة وفي جميع أنحاء العالم يكون
99% من الاستثمار النفطي في القطاعات المفتوحة رقم 3 (c) وليس القطاعات الإنتاجية
a كالقطاع
18 أو القطاعات الاستكشافية b
كالقطاع 20 الذين كانا ليمنحا لتوتال بموجب هذه الاتفاق لولا رفض
مدير شركة صافر أحمد كليب ونائبه سيف الشريف الذين أطيح بهما مؤخراً، بعد سلسلة مضايقات،
إثر بلاغ تقدمت به الهيئة القانونية الثورية التابعة لجماعة الحوثي إلى النيابة العامة،
ورغم أن التحقيق ما زال جارياً، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، أصدر محامي الدولة سعيد
العاقل رسالة، غير قانونية من ناحية إجرائية، تطلب من وزير النفط إيقافهما قبل انتهاء
التحقيق (بلغني أنه فعل إثر تهديده من اللجان الشعبية بفتح ملف مقتل هاشم حجر الناشط
الحوثي الذي توفي في ملابسات غامضة في سجون الدولة قبل سنوات وكان العاقل مسئولاً عن
القضية وقتها).
السبب الرابع: تعارض المصالح
توتال بائع ومشتري غاز اليمن في آن
هناك مبادئ قانوني معروف عالمياً هو
"تعارض المصالح"، إذ كيف تكون توتال شريكاً في القطاع 18 صافر المنتج الوحيد
للغاز المسال، وفي الوقت نفسه توتال ترأس تحالف شركات بيع وتصدير الغاز المسال في شركة
يمن lng الشركة اليمنية للغاز المسال. أي هي المزود والمصدر. والبائع والمشتري في
آن واحد.
في عام 1997 تقدم الراحل فيصل بن شملان
باستقالته من وزارة النفط عندما أقرت الحكومة اليمنية إدخال شركة هنت الأمريكية بحصة
17% في مشروع الغاز المسال (ما بات يعرف الآن الشركة اليمنية للغاز المسال ylng) لكون ذلك تعارض مصالح. فكيف
تكون هنت مشغل القطاع 18 وقتها، وفي الوقت نفسه شريكاً في شركة تصديره. طبعاً تولى
وقتها الدفاع والتنظير حول أهمية وضرورة وحتمية شراكة هنت الدكتور عبد الكريم الإرياني
وكان مسئول تسويقها السياسي.
السبب الخامس: توتال تحكم سيطرتها
على منابع الطاقة في اليمن
اتفاقية بيع الغاز المسال لم تعدّل وكل
ما قاله الرئيس هادي وحكومة الوفاق لا يعدو كونه كذبة ودعاية غير انتخابية.
ما الذي حدث؟ بسبب انهيار أسعار الغاز المسال
في أمريكا إثر اكتشاف الغاز الصخري وتدنيها إلى 2 دولار واقل في بورصة هنري هوب، قررت
توتال وشركاءها تحويل بيع الغاز اليمني إلى السوق الأسيوية حيث يصل سعره إلى 14 دولار.
كان ذلك إجراء لا مفر منه ولمصلحة توتال قبل مصلحة اليمن، وأرباحها من أي ارتفاع في
السعر أكبر من اليمن بحكم الحصص.
ما جرى كان ببساطة ما يعرف في مجال الطاقة
بـ"تحويل الوجهة". وبسببه ارتفعت إيرادات الحكومة من 280 مليون دولار سنوياً
من بيع الغاز في 2011 إلى نصف مليار دولار . فالذي تم هو عملية تحويل وجهة فيما يتعلق
بثلثي الكمية الذي تشتريه توتال وسويس وحصلت الحكومة اليمنية بموجبه على 7 دولار (من
14 دولار) بدلاً عن 3 دولار. أما الثلث المتبقي الذي تشتريه كوغاز الكورية فلم يعدّل
إلا مطلع 2014م. أي أن حكومة الوفاق لم تقم بشي. ذلك أن نص اتفاقية أو عقد البيع الذي
وقعه معه رئيس الوزراء السابق عبد القادر باجمال مع كوغاز يقضي بأن تتم "مراجعة
أسعار البيع كل خمس سنوات (من 2009 عام التصدير إلى 2014م).
لكن ما سبق هو الجزء هو الخبر السار.
أما السيئ فهو أن توتال ترغب في المزيد
وتريد تعويض ما تعتبره خسارة. بل إنها تمنّ على اليمن وتعتبر ما تم تعديلاً للأسعار
بحسب نص البند الرابع من الاتفاقية.
في الحقيقة إن شركة توتال تريد الحصول بهذه
الاتفاقية وضع اليد على جميع مصادر الطاقة في اليمن وليس فقط رفع الكميات المصدرة للخارج
والتطوير الاستكشافي حسبما هو مذكور في البند الثالث من الاتفاقية أمامكم.
كيف؟ هذا هو:
السبب السادس: إعلان اكتشاف غاز
الجوف إذ طمّع السيد
لماذا وضعت شركة توتال نصب عينيها القطاع
20 وما يزال قطاعاً استكشافياً وليس قطاعاً إنتاجياً مثل القطاع 18 صافر؟ ولماذا القطاع
20 وليس 48 قطاعا استكشافياً آخر؟
لنقدم الزمن إلى الأمام بضعة أشهر.
في 18 فبراير 2014 أعلنت شركة صافر لعمليات
الاستكشاف والإنتاج عن اكتشاف الغاز في أول بئر تم حفره في محافظة الجوف. هناك مخزون
هائل جداً في القطاع 18 صافر، وأكثر قطاع مرشح لأن يكون كذلك هو جاره والذي يقع على
تماس منه وله نفس التراكيب الجيولوجية. إنه القطاع 20. وتلك أمور لا تخفى على توتال
وخبراؤها وسماسرتها في أروقة وزارة النفط والمعادن وهيئة الاستكشافات النفطية.
هذا الإعلان تسبب في حالة إرباك عام. وظلت
الصحف والمحللون والسياسيون يتحدثون عن نظريات مؤامرة، وعن اكتشاف بحيرات، وعن قرب
قدوم شركة غاز بروم الروسية، وعن انزعاج المملكة العربية السعودية وقلقها.... إلخ.
في حين أن قيادة شركة صافر أرادت بهذا الإعلان قطع الطريق أمام أطماع شركة توتال وإيصال
رسالة إلى الرئيس وقيادة الدولة أن هناك استكشافات جيدة بخلاف ما يروجه خصومها داخل
شركة الغاز وفي توتال، غير متوقعة أن هذا الإعلان سيؤدي إلى تفاقم حدة المواجهات المسلحة
بين جماعة الحوثيين والإصلاح والقبائل في الجوف من جهة، وسوف يسيل لعاب جماعة مسلحة
ومتعطشة وبحاجة إلى موارد وموطئ نفوذ، وورقة مفاوضات، مما جعل من شركة صافر تحتل موقعاً
متقدماً في قائمة الأهداف التي يريد الحوثيون (أنصار الله) إسقاطها، أو وضع اليد والسيطرة
عليها إثر إسقاط صنعاء، ولو تطلب الأمر رفع شعارات برّاقة كالفساد ومحاربته من جماعة
نهبت من معسكرات الدولة أسلحة ثقيلة بما لا يحصى من مليارات.
السبب السابع: اليد الخفية في
تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم
أخطر ما في هذه الاتفاقية هو البند الخامس،
لا لأنه يكشف أن مطامع شركة توتال ورغبتها في السيطرة على موارد الطاقة في اليمن لا
حدود لها وحسب، بل إنه يقدم يمنح وجاهة للأطروحات السياسية –وبخاصة الزميل سامي غالب-
التي تنظر إلى تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم ضمن مشروع الفيدرالية باعتبارها طبخة دولية
ومخطط بريطاني فرنسي لم يأت من فراغ، ويخفى مطامع ونوايا قذرة، وليس عملاً خيرياً للأمم
المتحدة ومن بنات أفكار المندوب الأممي جمال بن عمر (المنفذ).
لدى توتال بحسب نص البند الخامس رغبة في
6 قطاعات بحرية مغمورة في اليمن ثلاثة منها في خليج عدن، وثلاثة منها في خليج البحر
الأحمر. وبحسب النص الحرفي فإن توتال (تعكف على دراسة البيانات المتوفرة وتعمل وزارة
النفط والمعادن وشركة توتال معاً "وضعوا عشرة خطوط على كلمة معاً" لتسريع
البدء في برنامج استكشافي في هذه القطاعات. بمعنى الأمر محسوم ولم يتبق سوى استكمال
الإجراءات الشكلية.
الأكثر مدعاة للرثاء والسخرية أن الاتفاقية
بعد سرد البنود وكنوع من التعليق عليها انتهت بفقرة: (وذلك لتنفيذ توجيهات فخامة رئيس
الجمهورية). الأمر الذي يذكّر برسالة مندوب اللجان الشعبية للحوثي إلى محافظ الحديدة
وقوله بعد سرد جملة من الطلبات غير القانونية والفاسدة والمقوضة للدولة (وذلك ضمن اتفاق
السلم والشراكة).
السبب الثامن: توتال أكثر شركة
تملك قطاعات نفطية 11 قطاعاً
إلى جانب القطاع 10 (شرق شبوة) الذي تديره
توتال ووصلت فيه إلى صخور الأساس، وتدهور إنتاجه وانهار من 100 ألف برميل يومياً إلى
50 ألف برميل، لدى شركة توتال شريك في القطاع 5 جنة هنت المختلط. ولديها إلى جانب هذين
القطاعين 5 قطاعات استكشافية تنقّب فيها منذ سنوات ولم يتم اكتشاف النفط بعد وهي:
بلوك أو قطاع 3
قطاع 69
قطاع 70
قطاع 71
قطاع 72
تعدّ شركة توتال الفرنسية من أكبر المستثمرين
في قطاع النفط والطاقة في اليمن، وأكثر الشركات الأجنبية نفوذاً ووصولاً إلى صناع القرار
في اليمن. في عام واحد فقط 2013م التقى مسئولو توتال بكبار مسئولي الدولة (الرئيس-
رئيس الوزراء- وزير النفط) تسع مرات حسبما يُظهر بحث سريع في محرك البحث google، أكثر من أي شركة أجنبية.
وفي حال منحت 6 قطاعات من القطاعات البحرية،
التي تعدّ واعدة بنسب أعلى وشبه مضمونة من حيث إمكانية إنتاجها للنفط، تكون لدى شركة
توتال صاحبة أعلى عدد قطاعات نفطية في اليمن: 11 قطاع نفطي في حين لا تملك وتشغل الحكومة
اليمنية سوى أربعة قطاعات والخامس تشترك فيه مع توتال وهنت (جنة 5).
ملحوظة اعتراضية رقم 1:
من التهم الموجهة لمدير شركة صافر ونائبه
في المحضر المقدم إلى نيابة الفساد من قبل المدعو عبدالرب المرتضى رئيس الهيئة القانونية
للثورة الشعبية (الحوثية) أنهما عملا على برنامج استكشافي فاشل في الجوف وقاما بحفر
عدة آبار لم تنتج النفط! (هل تصدقون أن هذا العبط كان من جملة التهم الموجهة لقيادة
صافر، في حين أن جميع الشركات في العالم قد تحفر عشرين بئراً استكشافياً حتى تجد بئراً
إنتاجياً).
إلى جانب توتال التي تعمل منذ سنوات طويلة،
وليس منذ سنتين كحال قيادة صافر، على الاستكشاف في خمسة قطاعات دون تحقيق نتائج، هناك
49 قطاعاً استكشافياً نصفها يجري التنقيب فيها دون اكتشاف النفط، بل إن هناك شركات
تنقّب منذ مطلع التسعينات، بل إن القرار الجمهوري رقم (7) لسنة 1993م نص بالموافقة
على اتفاقية المشاركة في الإنتاج المبرمة مع شركة يمن ما يفير بتروليوم كوربويشن في
القطاع رقم (22). أتدرون أين هو هذا القطاع؟ إنه في منطقة الزيدية في تهامة، وكل هذه
المعلومات أوردها هنا لا لأزعجكم بها وإنما في سبيل تثقيف الهيئة القانونية الحوثية.
السبب التاسع: أربعة من قادة
وزارة النفط وقعوا على الاتفاقية!
الأكثر بجاحةً من كون هذه الاتفاقية بلا
مناقصة ولا تنافسية، ولقطاع إنتاجي لا مفتوح، وفيها تعارض مصالح، وبسعر التراب (بلا
دون ثمن أصلا كون 100 مليون دولار هي قرض)، الأكثر بجاحة من كل ذلك أن الفقرة الثانية
المادة الأولى من الاتفاقية حددت موعد التوقيع وحسمت كل شيء.
نصّت المادة الأولى من الاتفاقية في الوثيقة
أمامكم على (استكمال وتوقيع الاتفاقية من قبل الطرفين قبل نهاية شهر يونيو 2013م) أي
في أقل من شهر من تاريخ الرسالة ومن لقاءهم بالرئيس عبد ربه منصور هادي في 26 مايو.
وبهذا ربما تكون أسرع اتفاقية نفطية في العالم.
والسؤال: ما الذي يجعل السيد حاتم نسيبه
مدير شركة توتال مطمئناً وواثقاً أن الجانب الحكومي اليمني سيوافق إلى درجة تحديد موعد
توقيع كافة الاتفاقيات الملحقة في أقل من شهر؟
الجواب أسفل الوثيقتين (انظر داخل الإطار
في الأسفل) حيث تظهر أربعة توقيعات جنباً إلى جنباً.
أصحاب التوقيعات الأربعة هم ممثل الجانب
الحكومي في الشركة اليمنية للغاز المسال (يمن lng) ومدير عام الغاز في الوزارة ندى أمان، ومدير عام العقود والاتفاقيات،
ووكيل الوزارة.
لم يتبق إلا ثلاثة توقيعات فقط: توقيع السيد
حاتم نسيبه (مدير توتال يمن)، وتوقيع وزير النفط أحمد دارس (طلب أن يكون آخر الموقعين).
توقيع مدير شركة صافر الوطنية أو نائبه اللذان صعقا عندما وصلتهم الرسالة الموجهة من
مدير توتال إلى وزير النفط بعد يومين من لقاء المدير الإقليمي لتوتال برئيس الجمهورية
في 28 مايو 2013م وعليها توجيه خطي -الوثيقة رقم ()-
من الوزير أحمد دارس نصّه:
(الأخ مدير شركة صافر المحترم
للجلوس مع شركة توتال
وعمل اللازم والرفع بما تم التوصل إليه).
(قيل لأحمد كليب وقع هنا إلى جانب الأربعة
وخذ 10 مليون دولار ولن تلام فهذه توجيهات فخامة الرئيس فرفض رغم انه لم يكن ليدان
بشيء، كما ان وكيل النيابة لن يعتبر ذلك فساداً كما هو الحال مع توقيعات الأربعة الآخرين.
وبالعقل وان لم يعد في البلد عقل: اتصدقون أن من يرفض ويقول لا في صفقة كبيرة كهذه
سيصغر من اجل سرقة جزء من مبلغ 100 افأما الوزير فللأمانة أنه بعد رفض قيادة الشركة
تدارك موقفه برسالة ذكية بعد اسبوعين تجدونها نهاية التحقيق)
ملحوظة اعتراضية رقم 2:
أليست هذه الاتفاقية واستناداً إلى ما سبق،
واقعة فساد مثبتة بتوقيع أربعة من كبار مسئولي وزارة النفط؟
أين النائب العام؟
أين محامي الدولة سعيد العاقل؟
أين أيضاً وكيل نيابة الفساد رمزي الشوافي؟
طبعاً لم أقل أين الحوثيين لأني أخاطب موظفي
دولة لا مليشيا.
هل يحتاجون إلى سبب شخصي لفتح تحقيق في
الواقعة كما فعلوا مع صافر؟
لم يحن بعد وقت كشف ذلك. إنما هذا بلاغ.
ووهم مطالبون بالتحقيق باعتبارها قضية فساد، كما إن بوسع منظمات المجتمع المدني التحرك،
بموجب لائحة الدائرة القانونية لمكتب النائب العام. خاصة وأنهم فتحوا تحقيقاً مع مدير
شركة صافر ونائبه وأصدروا حكماً قبل انتهاء التحقيق في قضايا توظيف، وصرف مبالغ دون
حق، بينما نحن هنا نتحدث عن قضية بيع أهم وأكبر قطاع نفطي.
(تنويه: يوجد ثلاث نسخ من هذه الاتفاقية
الفضيحة: لدى شركة صافر، وأخرى لدى وزير النفط السابق، وثالثة لدى رئيس الجمهورية،
وإن أردتم الأصل ستصلكم)
السبب العاشر: توجيهات فخامة
الرئيس المفتاح السحري
في رسالته إلى وزير النفط والمعادن المرفقة،
وفي رسالته الثانية إلى مدير شركة صافر أحمد كليب يلح مدير شركة توتال يمن على تكرار
وإعادة جملة (توجيهات/ تعليمات فخامة رئيس الجمهورية)، بل واعتبار هذا الاتفاقية إنما
هي "تنفيذ للتوجيهات الصادرة من فخامة الرئيس" حسب نص الرسالة.
نفس الشيء تورد في رسالة وزير النفط إلى
مدير شركة صافر: توجيهات الرئيس.
هل من الممكن أن يكذب مدير توتال على الرئيس
هكذا علناً؟
يبدو ذلك مستبعداً.
إذن هل أمر الرئيس عبدربه منصور هادي بهذه
الاتفاقية فعلاً؟
قد يفعل إن كان فاقداً للرشد والرجاحة وهما
أمران يبدو أنه فعلا يفتقدهما بناء على ما آلت إليه أوضاع اليمنيين.
لنرتب القطع على رقعة الشطرنج:
في 26/ مايو 2013 التقى رئيس الجمهورية
عبد ربه منصور هادي، بحضور وزير النفط السابق أحمد دارس، السيد آرنو بروياك رئيس دائرة
الشرق الأوسط في شركة توتال. ما الذي جرى في اللقاء؟ لنستمع إلى الرواية الرسمية ممثلة
في البيان الصحافي الذي بثته وكالة الأنباء اليمنية سبأ: "جرى بحث كيفية سير العمل
الميداني في مناطق وبلوكات شركة توتال والعلاقات البينية خصوصا فيما يتعلق بتطوير الأداء
والإنتاج من النفط والغاز ".
ونقلت سبأ على لسان الرئيس قوله:
"إن الشراكة مع شركة توتال إستراتيجية وطويلة المدى وتعتبر من اكبر الشركات المستثمرة
في اليمن في هذا الجانب". و"شدد الأخ الرئيس على أهمية إعطاء الأولوية لليمن
من قبل شركة توتال وبما يسرع من تطوير عملية الإنتاج وتحقيق الأهداف المنشودة".
و"وجه رئيس الجمهورية وزير النفط والمعادن بتقديم كافة التسهيلات اللازمة والمعلومات
للشركة من اجل سرعة التنفيذ".
لاحظوا الكلمات المفتاحية الواردة في الخبر
الرسمي على لسان الرئيس:
"الشراكة مع توتال إستراتيجية وطويلة
المدى".
"تقديم كافة التسهيلات اللازمة والمعلومات
للشركة".
و"إعطاء الأولوية" ليس لتوتال
وإنما العكس: اليمن تكون أولوية توتال.
لنكمل قراءة الخبر: "وقد تحدث مدير
دائرة الشرق الأوسط في شركه توتال عن الأنشطة الجديدة التي تقوم بها الشركة والتوسع
في حقول الإنتاج وموضوع الاستكشافات في البحر الأحمر والبحر العربي، حيث أوضح أن هناك
اتجاه سيتم قريباً للاستكشاف والإنتاج في البحر العربي والبحر الأحمر" . (البند الخامس من الاتفاقية)
و"أكد استعداد شركة توتال على تنفيذ
عمليات جديدة من اجل التوسع في الإنتاج وتطويره والتوقيع على اتفاقيات جديدة في هذا
الجانب وبما يحقق مصلحة الشراكة بين الجانبين".
والآن حان وقت طرح الأسئلة:
ألا يبدو الخبر الذي بثته وكالة سبأ منسجماً
مع الاتفاقية، ويعزز احتمال موافقة الرئيس فعلاً وأن الاتفاقية عبارة عن تنفيذ لتوجيهاته
كما يدعي حاتم نسيبه؟
إليكم ما حصل حقيقة حسب رواية سمعتها من
شخص كان حاضراً في اللقاء وأصيغه كما سمعته بطريقة مبسطة ومباشرة:
التقى رئيس دائرة الشرق الأوسط ومرافقوه
بالرئيس الذي كان ممنوناً من قيام الفرنسيين بتعديل سعر بيع الغاز المسال الذي لم يعدل
كما أسلفت. قادة وزارة النفط أشادوا بدور توتال الريادي. تحدث الرئيس عن أزمة 2011
والمصاعب الاقتصادية. قال له رئيس دائرة الشرق الأوسط في توتال اليمن مليئة بالخيرات
ونحن لو وسعنا استكشافاتنا في البحر الأحمر والعربي وبعض القطاعات الأخرى سوف تحقق
اليمن نجاحات اقتصادية مذهلة. سرّ الرئيس هادي وبش وجهه، فوجّه وزير النفط بـ"تقديم
كافة التسهيلات اللازمة والمعلومات" لتوتال حسبما ورد في الخبر الرسمي، بل إنه
طلب بتذلل من رئيس دائرة الشرق الأوسط في شركة توتال أن يجعل اليمن أولوية لدى الشركة
وليس العكس حسبما ورد أيضاً في الخبر الرسمي وهو أمر لا يصدر عن شخص يحمل صفة
"رئيس دولة".
هكذا يدير هادي اليمن. وربما هكذا أيضاً
قرر تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم.
ملحوظة اعتراضية رقم 3:
سجل شركة توتال في الفساد عابر للقارات
وخير مثال له سجلها في نيجريا والعراق. حيث إن الشركة ملاحقة في القضاء الفرنسي نفسه
بتهمة اختلاس 60 مليار دولار من نفط العراق خلال عقد ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء.
تكاد تكون الشركة النفطية الأكثر فساداً
على مستوى العالم.
ملحوظة اعتراضية رقم 4:
من نصّب مديراً جديداً لم يعين من قبل وزير
النفط ولا النيابة العامة وإنما تم تنصيبه من قبل الحوثيين هو مدير العمليات في الشركة
من بيت زبارة، وليس لدي أي مشكلة في تعينه إن كان كفاءة وأحسب موقع مدير العمليات يجعله
كذلك، لكن تكليفه كقائم بالأعمال لا يتم إلا من قبل الوزير وليس من قبل مليشيا، فكيف
والتحقيق ما يزال جار في النيابة.
ملحوظة اعتراضية رقم 5:
قضية دفع شركة صافر 5 مليون دولار لشركة
انتراكس كتعويض أيضاً من الاتهامات الموجهة لكليب والشريف بالفساد، القضية تعود لعام
2007م من ايام المدير السابق وكانت الشركة تطالب بـ13 مليون ولم يخفض المبلغ إلا بعد
عام من المفاوضات، والى جانب عشرات القضايا التعويضية التي دفعت من وزارة النفط لعديد
شركات، لو رفعت انتراكس دعوى قضائية لربما حكم لها القضاء التجاري الدولي بـ50 مليون
دولار بدلاً عن خمسة، ولكم في قضية تعويض أحمد صالح الصريمة عن مشروع الطريق التي تجاوزت
المليار دولار خير مثال.
ملحوظة اعتراضية أخيرة:
أبرز تهمة فساد وجهت لأحمد كليب ونائبه
سيف الشريف أنهما دفعا مبلغ 100 ألف دولار شهرياً لمحافظ مأرب بتوجيهات هاتفية من الرئيس
هادي ودون وجود مستند. وهذه أيضاً من جملة أكاذيب وافتراءات ما يسمى الهيئة القانونية
للثورة الشعبية الحوثية.
هذه الوثيقة تنشر لأول مرة تثبت أن المبلغ
الذي تم صرفه لمحافظ مأرب لم يكن لأن مدير الشركة إصلاحياً وتابعاً لعلي محسن ويدفع
لمحافظ مأرب من أجل الدواعش كما يروج إعلام الحوثي كذباً، وإنما بموجب توجيه خطي من
رأس الدولة ورئيس الجمهورية وبطلب من المحافظ الذي حدد جهة الصرف هو ذاته.
إن كان أحد ليلام على هذه الرسالة فهو الرئيس
أولاً لا مدير الشركة ونائبه اللذين لم يدخل جيبهما ريال واحد من هذا المبلغ.
ثانياً رغم أن الصرف كان ينبغي أن يتم بطريقة
أكثر قانونية وأن يكيف باعتباره ضمن مخصصات حماية أنبوب صافر لاحظوا أنه ما إن توقف
صرف هذا المخصص الشهري نهاية 2013م حتى تضاعفت عمليات تفجير أنبوب النفط صافر، ويكفي
إلقاء نظرة سريعة على بيانات البنك المركزي: لقد انهارت عائدات النفط الخام من 4 مليار
دولار و700 مليون دولار إلى مليار و300 مليون دولار خلال ثلاثة عشرة أشهر (يناير-أكتوبر)
2014م.
أي إن اليمن خسر 3 مليار دولار فما هي الـ120
ألف دولار قياساً بحجم الخسائر؟
لا ابرر لصرف المبلغ، وإن ثبت أن للمحافظ
علاقة بالتفجيرات فينبغي محاسبته. كل ما في الأمر أني أحاول النظر للأمر من زاوية مختلفة
وبنظرة أكثر شمولية وواقعية: لو أن الأنبوب لم يتعرض سوى لما تعرض له من تفجيرات في
عام 2013م، وكانت إيرادات النفط في 2014م مثلها في 2013 أو أقل قليلاً، هل كانت الحكومة
ستعجز عن شراء المشتقات النفطية وتضطر إلى قرار الجرعة السعرية التي كانت هدية من السماء
لزعيم جماعة الحوثي اجتاح بذريعتها العاصمة وأسقط الدولة وها هو يعبث ويسقط المدن والمحافظات
في قبضة مليشياته؟
ربع مليار دولار تدفع لقادة الجيش لحماية
النفط.. تركة علي صالح
إضافة إلى ما سبق لنعد إلى تقرير برلماني
خطير قدم لهيئة رئاسة البرلمان في يناير 2014م حول ما تدفعه شركات النفط الأجنبية من
مبالغ لألوية الحماية العسكرية تصل إلى (238.127.90) دولار أمريكي سنوياً. ربع مليار
دولار تدفع لقادة ألوية الحماية.
أتدرون لماذا يتعرض أنبوب صافر للتفجير
وحده دون 13 أنبوب آخر؟
لأن صافر لا تدفع إتاوات ومبالغ لقادة الألوية
العسكرية.
بحسب التقرير البرلماني فإن شركة (OMV) مشغلة القطاع S2 تدفع مبلغ
(9.989.399) دولار. (أي قرابة عشرة ملايين دولار) شهرياً للواء 21 مقابل مرافقة ناقلات
النفط الخام. كما تدفع الشركة ذاتها مبلغ وقدره (4.320.800) دولار إلى اللواء 23، ومبلغ
(1.080.200) دولار للواء 107، مقابل مرافقة ناقلات النفط (يتم نقلها عبر شركة الحثيلي).
قارنوا هذه المبالغ بـ100 ألف دولار شهرياً!
وتدفع شركة كالفالي مشغلة القطاع 9 مبلغ
(2.400.000) دولار شهرياً للواء 37 مدرع، ومبلغ (1.200.000) دولار شهريا للواء 27 مدرع
ميكا – المنطقة العسكرية الشرقية، مقابل مرافقة ناقلات النفط.
هذه هي التركة الثقيلة لعلي عبد الله صالح
وهذا أسلوب إدارته للدولة وتنشئته لطبقة من المستفيدين من العسكريين والقادة والعائلة،
حيث نشأت في العقد الأخير من حكمه طبقة واسعة من أباطرة تجارة الأمن أبرزهم ابن شقيقه
يحي أركان حرب الأمن المركزي.
التقرير البرلماني سرّب إلى الإعلام، وقد
قدم أرقامه موقع المصدر أونلاين في صور وأشكال انفوجرافيك فضلت نشرها هنا:
وتدفع شركة توتال ويمن LNG الشركة
اليمنية للغاز المسال 9 مليون دولار لوزارة الدفاع لحماية أنبوب تصدير الغاز.
والسؤال البديهي:
كيف نفسّر لماذا يستهدف أنبوب صافر تحديداً
وليس جاره أنبوب الغاز المسال -الذي يصدّر عبر تحالف شركات ترأسه شركة توتال الفرنسية
(ylng)- رغم أنه يتم إنتاج نفط
الأول وغاز الثاني، من نفس الحقول (قطاع 18)، ومن قبل نفس الشركة المشغّلة (صافر)،
وكليهما يقطع تقريباً نفس المسافة إلى منصات التصدير: 417 كم من مأرب إلى ميناء رأس
عيسى بالحديدة للنفط الخام، و420 كم من مأرب إلى ميناء بلحاف في شبوة الغاز المسال
lng؟
لأن توتال ويمن ال إن جي يدفعون تسعة مليون
دولار لوزارة الدفاع أما شركة صافر فإنها لا تدفع وعندما دفعت 100 ألف دولار فقط للمحافظ
بتوجيه من الرئيس وجد مدير الشركة الذي تم استدعاءه من كندا ونائبه متهمان بالفساد
وأطيح بهما بينما لصوص الشركات الأخرى (من يدفع ومن يستلم) يدخنون الغليون الآن على
الأرجح.
وبدلاً من أن يدفع لقادة الجيش، وبلسان
رجل دولة أتهم مدير شركة صافر أحمد كليب علناً، في حوار لمجلة الإعلام الاقتصادي، الأجهزة
الأمنية والدوائر الحكومية بعدم التعاون مع الشركة الأعلى إيراداً للخزينة العامة،
وقال إنها "تتعمد عرقلة أعمال الشركة عكس ما كانت تتعامل به مع شركة هنت في الماضي".
ملحق الوثائق :
المصدر:
مدونة محمد العبسي
http://mohamedalabsi.blogspot.com/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق