هل خسرت إيران معركة اليمن؟
خليل العناني:
تمثل الضربات الجوية الخليجية، المدعومة عربيّاً
ودوليّاً، ضد جماعة الحوثيين في اليمن أول معركة حقيقية بين الرياض وطهران فى الفضاء
الإقليمي. وبغض النظر عن النتائج المتوقعة لعملية "عاصفة الحزم" الدائرة
حالياً، إلا أنها مؤشر واضح على أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة من الصراع الإقليمي الذي
أصبح مفتوحاً على كل الاحتمالات.
لم يكن أمام السعودية التي تقود الحملة العسكرية
الراهنة أن تنتظر أكثر من ذلك، بعد أن وصل الخطر الحوثي إلى مستوى غير مسبوق من التهديد،
خصوصاً بعد محاولتهم التخلص من الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، في مقره في مدينة
عدن، وبعد المناورات العسكرية التي أجراها الحوثيون على الحدود مع السعودية، ما شكل
تهديداً جدياً لأمن المملكة، أو على الأقل تم تفسيره على أنه كذلك. وفي اعتقادي، أن
التحرك السعودي كان معداً له سلفاً، لكنه كان في انتظار اللحظة المناسبة.
لذا، لم تكن هناك اعتراضات عربية أو دولية على
التحرك الذي جاء تحت مظلة جامعة الدول العربية، وبمقتضى معاهدة الدفاع العربي المشترك،
حسب بيان دول مجلس التعاون الخليجي.
في الوقت نفسه، يرى بعضهم أن التحرك السعودي
جاء متأخراً، وبعد شهور من سقوط العاصمة صنعاء في أيدي الحوثيين. وهو بالنسبة لهم كان
تحركاً ضرورياً، من أجل ردع التدخل الإيراني فى الفناء الخلفي للمملكة، بشكل يهدد المنطقة
كلها، خصوصاً بعد أن أحكمت طهران سيطرتها على العراق وسورية.
ومن الواضح أن الهدف الرئيسي من الضربات الحالية
ليس فقط وقف التمدد الحوثي (ومن خلفه الإيراني) فى اليمن، وإنما، أيضاً، لإنهاء القدرات
العسكرية للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، الذي تحالف مع الحوثيين، من أجل العودة
إلى السلطة، عن طريق ابنه أحمد.
ولا أعتقد أن نجاح العملية سوف يكتمل من دون
إعادة الرئيس هادي إلى صنعاء، وإحكام السيطرة عليها، وهو ما قد يمثل تحدياً حقيقياً.
فمن غير المتوقع أن يحدث ذلك من دون وجود قوات برية، داعمة للرئيس هادي، أو تسليح القبائل
الداعمة له، بأسلحة ثقيلة، تمكنه من التصدي للحوثيين وميليشا صالح التي لا تزال تحكم
سيطرتها على صنعاء.
الآن، تبدو طهران مشغولة أكثر بمعركتها الرئيسية
فى العراق، خصوصاً بعد أن أصبحت المحرك الرئيسي للحرب على تنظيم الدولة "داعش"
في العراق. ولعل هذا ما قد يساهم في نجاح الضربات السعودية ضد الحوثيين في اليمن، لكن
طهران لن تتخلى عن اليمن بسهولة. فمن جهة، تمثل اليمن ورقة استراتيجية مهمة لها من
أجل تطويق المنطقة العربية من الشمال والجنوب، وضمان التأثير في ملفاتها الإقليمية.
ومن جهة ثانية، لا توجد قوى سياسية وعسكرية في
اليمن يمكنها السيطرة على اليمن بمفردها، ما يعني أن الحوثيين سوف يكون لهم مكان على
الطاولة على الرغم من الضربات الحالية، ما يعني عدم التخلي عن دعمهم. ولربما نشهد تطورات
في الموقف الإيراني، في الساعات المقبلة، ليس فقط بدعم الحوثيين، وإنما أيضا بالقيام
بمناورة عسكرية فى الخليج العربي، أو البحر الأحمر، بالقرب من مضيق باب المندب، ووقتها
قد تشتعل حرب إقليمية كبرى.
ولعل أحد المحددات الرئيسية لموقف طهران، في
الأيام المقبلة، هو إمكانية توصلها إلى اتفاق مع الدول الغربية بشأن برنامجها النووي.
فمن شأن ذلك أن يعطي إيران قدراً من الحرية في المجال الإقليمي بشكل كبير، ومن دون
ضغط غربي، وهو ما تراهن عليه طهران، قبل أيام قليلة من توقيع اتفاقها المرتقب مع الولايات
المتحدة.
بكلمات أخرى، ما يحدث، الآن، في اليمن جولة أولى
من جولات الصراع الإقليمي التي لا يعلم أحد كيف، ومتى، ستتوقف.
" العربي الجديد"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق