الثلاثاء، 25 سبتمبر 2018


 16 حالة اعتقال أجبرت المليشيا أقاربهم على دفع المال أو مبادلتهم بمحتجزين لدى قوات معادية لها


منظمة هيومن رايتس ووتش تتهم مليشيا الحوثي بإبتزاز أهالي المختطفين والمعتقلين ماديا في اليمن


عدنان الراجحي: 





قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن  مليشيات الحوثي قامت بعمليات اختطاف واحتجاز يمنيين كرهائن،وارتكبت انتهاكات خطيرة بحق الأشخاص.


وأوضحت ، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش سارة ليا وتسن إن مليشيات الحوثي تمارس الاستغلال بحق مَن هم تحت سيطرتهم وتستخدم سلطتها للربح المالي من الاحتجاز والتعذيب والقتل 
.

وأضافت ويتسن أن اليمنيين المحتجزين  يعانون بشكل رهيب سواء على يد الحوثيين، أو القوات الإماراتية، أو القوات الحكومية،مطالبة مسؤولي الأمم المتحدة الضغط على الأطراف المتنازعة لمعاملة المحتجزين بإنسانية والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفا.


المنظمة أشارت إلى أن مليشيا الحوثي تعامل المحتجزين بطريقة قاسية، ووصلت في العديد من الحالات إلى التعذيب.


ووفقا للمنظمة فإنها وثّقت 16 حالة أحتجزت فيها  مليشيا الحوثي أشخاصا بطريقة غير قانونية، وإجبار أقاربهم على دفع المال أو لمبادلتهم مع محتجزين لدى قوات  معادية لها.


وأعتبرت هيومين رايتس ووتش أن احتجاز الرهائن هو انتهاك خطير لقوانين الحرب وجريمة حرب،و ينبغي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تجديد ولاية فريق الخبراء الدوليين بشأن اليمن، الذي لديه صلاحية التحقيق بشأن المسؤولين عن الانتهاكات وتحديدهم.



ودعت المنظمة مليشيا الحوثي التوقف عن احتجاز الرهائن وإطلاق سراح جميع المحتجزين تعسفا وإنهاء التعذيب والإخفاءات القسرية بالإضافة إلى معاقبة مرتكبي الانتهاكات. 


كما طالبت هيومن رايتس ووتش مليشيا الحوثي أن تفرج فورا عن المحتجزين تعسفا وتوقف الإخفاءات القسرية وأن تحقق جديا مع المسؤولين عن التعذيب واحتجاز الرهائن وتعاقبهم. إن لم تفعل ذلك، يكون على مجلس الأمن في الأمم المتحدة أن يفرض عقوبات تستهدف كبار المسؤولين عن الانتهاكات المرتبطة بالاحتجاز، بما في ذلك الذين أصدروا الأوامر.



نص التقرير الذي أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش:


اليمن: الحوثيون يحتجزون رهائن

احتجازات تعسفية وتعذيب وإخفاءات قسرية بدون عقاب



(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مجموعة الحوثيين المسلحة في اليمن قامت بالعديد من عمليات الخطف واحتجاز الرهائن كما ارتكبت العديد من الانتهاكات الخطيرة بحق الأشخاص في عهدتها. على المسؤولين الحوثيين التوقف عن احتجاز الرهائن وإطلاق سراح جميع المحتجزين تعسفا وإنهاء التعذيب والإخفاءات القسرية بالإضافة إلى معاقبة مرتكبي الانتهاكات.



وثّقت هيومن رايتس ووتش 16 حالة احتجز فيها الحوثيون أشخاصا بطريقة غير قانونية، غالبا لإجبار أقاربهم على دفع المال أو لمبادلتهم مع محتجزين لدى قوات معادية. احتجاز الرهائن هو انتهاك خطير لقوانين الحرب وجريمة حرب. ينبغي لـ "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" تجديد ولاية "فريق الخبراء البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن"، الذي لديه صلاحية التحقيق بشأن المسؤولين عن الانتهاكات وتحديدهم.



قالت سارة ليا وتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وفي هيومن رايتس ووتش: "أضاف الحوثيون الاستغلال إلى لائحة انتهاكاتهم بحق مَن هم تحت سيطرتهم في اليمن. بدل أن يعاملوا المحتجزين لديهم بإنسانية، يستخدم بعض المسؤولين الحوثيين سلطتهم للربح المالي من الاحتجاز والتعذيب والقتل".



منذ 2014، عندما احتل الحوثيون العاصمة صنعاء والعديد من المناطق اليمنية، وثقت هيومن رايتس ووتش عشرات الحالات التي قام فيها الحوثيون والقوات الموالية للرئيس الراحل علي عبدالله صالح باحتجازات تعسفية ومسيئة بالإضافة إلى إخفاءات قسرية وتعذيب.  ووثقت مجموعات حقوقية يمنية مئات الحالات الأخرى. أجرت هيومن رايتس ووتش مؤخرا مقابلات مع 14 محتجزا سابقين  وأقارب شخصين آخرين محتجزَين أو مخفيَّين.



قالت هيومن رايتس ووتش إن معاملة المسؤولين الحوثيين للمحتجزين قاسية، ووصلت في العديد من الحالات إلى التعذيب. وصف محتجزون سابقون كيف ضربهم المسؤولون الحوثيون بقضبان حديد وخشب وبالبنادق، وقالوا إن الحراس جلدوا المساجين وكبّلوهم بالجدران وضربوهم بالخيزران على أقدامهم كما هددوا باغتصابهم أو اغتصاب أفراد من أُسرهم. واعتبر العديد منهم أن تعليقهم على الجدران وأيديهم مكبّلة خلف ظهورهم كان من أكثر تقنيات التعذيب إيلاما. في العديد من الحالات، كان المسؤولون الحوثيون يعذبونهم لانتزاع المعلومات أو الاعترافات.



قال محتجزون سابقون إن الحراس منعوا العناية الطبية أو العلاج عنهم بعد الضرب. وأشار المُفرَج عنهم وأُسرهم إلى مضاعفات نفسية وصحية بسبب سوء المعاملة.



قال محتجزون سابقون وناشطون حقوقيون يمنيون إن المسؤولين الحوثيين يقومون بابتزاز المحتجزين وأقاربهم وأفراد أُسرهم بانتظام. في بعض الحالات، أفرج الحوثيون عن المحتجزين – لكن في أغلب الحالات لم يفرجوا عنهم.



قالت زوجة رجل احتجزه رجال مجهولون أواخر 2015: "في البداية لم أعرف أنه موقوف. خطفوه وبحثنا عنه أنا وأسرتي في كل مكان. سألنا في المستشفيات ومراكز الشرطة". علموا لاحقا أنه محتجز لدى جهاز المخابرات سيئ السمعة، "جهاز الأمن السياسي" التابع للحوثيين في صنعاء. قالت "كنت أتابع مع وسطاء حوثيين على فترة 5 أشهر وكنت أدفع لهم. وكانوا يعدونني بحلول لكن بلا نتيجة. تكلمت مع العديد من قادة الحوثيين... كانوا يقولون إنهم سيقومون بهذا أو ذاك، دون أن يفعلوا شيئا".



وقد دفعت للمسؤولين الحوثيين 1.5 مليون ريال يمني خلال 3 سنوات. لا يزال زوجها محتجزا. وجد فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن أن أعضاء جهاز الأمن السياسي كانوا "يربحون من الاحتجازات".



قالت شقيقة رجل اختفى في محافظة حجة عندما كان يبحث عن عمل في 2016 إن 6 أشهر مرّت قبل أن يقول لها صديقٌ إن شقيقها محتجز. فاتصلت بأحد المسؤولين الحوثيين الذي طلب منها "ضمانات". دفعت له الأسرة 100 ألف ريال وأُطلق سراح شقيقها بعد شهر. قالت إن شقيقها تغير بعد الاحتجاز: "لم يعد كما كان. ظهرت عليه إشارات الاضطراب النفسي، وصار يكلّم نفسه، وفي بعض الأحيان يردد لنفسه ’لماذا يضربونني؟‘ لا أعرف ماذا رأى وماذا فعلوا به خلال فترة اختفائه".



وصف محتجزون سابقون رداءة الوضع في عهدة الحوثيين: قذارة؛ وصول محدود إلى الحمامات، ما تسبب بتغوّط البعض على أنفسهم؛ ونقص الغذاء والرعاية الصحية. قال محتجزون سابقون وأفراد الأُسر إن العديد من مراكز الاحتجاز الرسمية وجميع المراكز غير الرسمية رفضت دخول أفراد الأسرة. لم يكن لدى المحتجزين أي وسيلة محددة للاعتراض على احتجازهم أو الإبلاغ عن سوء المعاملة. في العديد من الحالات الموثقة، نقل الحوثيون المحتجزين بين المراكز – الرسمية وغير الرسمية – دون إشعار أفراد الأسرة.



"رابطة أمهات المختطفين"، وهي مجموعة نساء يمنيات يدافعن عن أقاربهم المدنيين المحتجزين أو المخفيين، أرسلت إلى هيومن رايتس ووتش روايات من 10 حالات طالب فيها مسؤولون حوثيون بالمال كشرط للإفراج. دفعت 9 عائلات. أطلق المسؤولون الحوثيون سراح 3 فقط من الرجال، منهم واحد في تبادل سجناء لقاء مقاتلين حوثيين.



عندما تتم المعاملة القاسية والمعاملة المهينة أو المسيئة في سياق نزاع مسلح فإنها تشكل جرائم حرب. بموجب النظام الأساسي لـ "المحكمة الجنائية الدولية"، فإن احتجاز الرهائن – احتجاز الأشخاص وتهديدهم بالقتل أو الأذية، أو الاستمرار باحتجازهم لإجبار طرف آخر على القيام بأمر ما أو الامتناع عن أمر ما كشرط لإطلاق سراح المحتجز وسلامته – هو جريمة حرب.



كذلك قامت الإمارات والجماعات التابعة لها والقوات اليمنية الحكومية باحتجاز العديد من الأشخاص تعسفا، وتعذيبهم وإخفائهم قسرا خلال النزاع اليمني.



في 2018، توصّل فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين بشأن اليمن إلى أن الحوثيين "قاموا بأعمال ترقى إلى مصاف جرائم حرب بما في ذلك، المعاملة القاسية والتعذيب والاعتداء على الكرامة الإنسانية". وثق الخبراء قيام الحوثيين باحتجاز الطلاب، المدافعين عن حقوق الإنسان، من ينظر إليهم على أنهم معارضين سياسيين، وبهائيين على يد الأمن القومي والأمن السياسي. وجد الخبراء أيضا أن هناك احتمال قوي بأن تكون قوات اليمن، والسعودية، والإمارات متورطة جديا في انتهاكات متعلقة بالمحتجزين، قد ترقى إلى مصاف جرائم حرب.



راسلت هيومن رايتس ووتش وزارة الداخلية في صنعاء يوم 12 سبتمبر/أيلول عارضة النتائج الأولية، وطلبت المزيد من المعلومات حول الخطوات، إن وجدت، التي اتخذتها الوزارة لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات. لم تجب الوزارة.



على السلطات الحوثية أن تفرج فورا عن المحتجزين تعسفا وتوقف الإخفاءات القسرية وأن تحقق جديا مع المسؤولين عن التعذيب واحتجاز الرهائن وتعاقبهم. إن لم تفعل ذلك، يكون على مجلس الأمن في الأمم المتحدة أن يفرض عقوبات تستهدف كبار المسؤولين عن الانتهاكات المرتبطة بالاحتجاز، بما في ذلك الذين أصدروا الأوامر.



 ينبغي لليمن أن يلتحق بشكل عاجل بالمحكمة الجنائية الدولية، ما قد يساعد على محاسبة الجرائم الخطيرة التي يرتكبها جميع أطراف النزاع.



قالت ويتسن: "يعاني اليمنيون المحتجزون بشكل رهيب سواء على يد الحوثيين، أو القوات الإماراتية، أو القوات الحكومية. على مسؤولي الأمم المتحدة الضغط على الأطراف المتنازعة لمعاملة المحتجزين بإنسانية والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفا".



تعذيب واحتجاز رهائن على يد الحوثيين



القاضي عبدو الزبيدي، صنعاء



أوائل 2016، حاصر رجال ملثمون ويرتدون ملابس مدنية القاضي في المحكمة العسكرية عبدو الزبيدي، وفي أواخر الخمسينات من عمره، عند مغادرته مكتبه مع ابنه (17 عاما) الذي جاء ليقلّه. أخذ الرجال هاتف الزبيدي ووضعوه وابنه في سيارة. قاد أحد الرجال سيارة القاضي. وقال الزبيدي: "رأيت السيارة تعبر الحواجز الإسمنتية لجهاز الأمن السياسي".



فصل الرجال الزبيدي عن ابنه. قال له أحد الحراس لاحقا إن ابنه "خرج". اعتقد الزبيدي أنهم أفرجوا عنه. لكنه علم لاحقا أن مسؤولي الأمن السياسي احتجزوه وعذّبوه.



أمر المحققون الزبيدي بالاعتراف بأنه قائد المقاومة ضد الحوثيين في صنعاء وأنه يخطط لانقلاب، فرفض. وقال إنه كان معصوب العينين ومكبّل اليدين، وإنهم سحلوه على الدرج ووضعوه في غرفة صغيرة ومظلمة. وقال له أحد الحراس إنه يستطيع أن يذهب إلى الحمام مرة واحدة في اليوم وأعطاه قنينة فارغة لاستعمالها بالانتظار. قال: "كنت مصدوما، فأنا قاضٍ... أنا أنفذ القانون... وأرسل المذنبين إلى السجن.. هذا ليس حتى سجنا، إنه قبر".


وتم استجواب الزبيدي مجددا في اليوم الثاني. قال للمحققين إن ليس لديه ما يعترف به وإن لم يصدقوه يمكنهم التأكد من هاتفه وممتلكاته:
 

أعتقد أن جوابي لم يعجبهم، كنت مكبلا... جلدوني بسلك سميك على قدميّ ويديّ وظهري... رموني أرضا ثم رموني على طاولة ثم جاؤوا بوسادة كبيرة ووضعوها بين الأصفاد وصاروا يسحبونها. ثم ضربوني بسلك على أصابعي. جلدوني نحو 50 مرة حتى لم أعد أحس بيديّ. لا أزال أعاني من ذلك حتى اليوم. كل هذا كان يمكن تحمّله، لكن بعد ذلك كبلوا يديّ خلف ظهري وعلّقوا الأصفاد على إحدى النوافذ على ما أعتقد – مكان عالٍ – وصاروا يشدّون يديّ بعيدا عن ظهري وإلى الأعلى. كان هذا أسوأ ما عشته في حياتي.



قال الزبيدي إنه اعتقد بأنّ يديه وذراعيه وكتفيه ستُقطع. فقال لهم إنه مستعد لكتابة والتوقيع على ما يريدون. وأضاف لم يدم الأمر إلا بضع دقائق "لكنها كانت أصعب دقائق حياتي". فبدأ بتأليف القصص كيف يعمل مع الرئيس اليمني وكبار المسؤولين أنه كان يقول للتحالف بقيادة السعودية الداعم للحكومة أين يضرب. "عندما علقوني، أحسست بأنني أموت فقلت لهم ما أرادوا". حققوا معه على مدى أسبوع لكنهم لم يعذبوه بعد ذلك.



في وقت من الأوقات، أعطاهم الزبيدي اسم شخص كان قد قرأ عنه وكان يعتقد أنه موجود في السعودية. بعد 10 أيام، اقتاد الحراس الزبيدي إلى غرفة التحقيق وكان هذا الرجل حاضرا معصوب العينين. أمر الحراس الزبيدي بالتكلم عن دور الرجل في الجهود المعادية الحوثيين. عندما رفض هددوه بالقتل. وبعد بضعة أيام أنكر الزبيدي "اعترافاته" مجددا. علقوه على نافذة حديدية لبضع ساعات ويديه مبكلتان أمامه. قال إن هذه الوضعية كانت أقل إيلاما بقليل.


بعد بضعة أسابيع، أمرت المحكمة الجزائية المتخصصة بإطلاق سراح الزبيدي لعدم وجود دليل ضده. لكن مسؤولي المخابرات أبقوا عليه محتجزا وبعد أسبوع تقريبا أخذوه إلى النيابة العامة وعرضوا فيديو يظهر فيه وهو يعترف، فقال إن هذا الاعتراف كانت نتيجة التعذيب. أمرت المحكمة مجددا بالإفراج عنه، ورفض مسؤولو المخابرات مجددا.

في يونيو/حزيران 2017، أُخرج الزبيدي من زنزانته للقاء اللواء عبد القادر الشامي، الذي كان في حينها وكيل  جهاز الأمن السياسي وأصبح اليوم رئيس الجهاز. وكان أقارب الزبيدي قد قطعوا الطرقات احتجاجا على احتجازه ومنعوا شاحنات تجارية من الذهاب إلى صنعاء. أرادهم المسؤولون أن يتوقفوا. بعد أيام قليلة، أوصى المدعي العام مجددا بالإفراج عن الزبيدي وصادق أحد القضاة على الأمر. أُفرج عن الزبيدي "بعد 450 يوما من الاحتجاز. ذهبت إلى المنزل تناولت الطعام ثم فررت من المدينة مباشرة".

"د. مروان"، الحديدة

في 2015، عالج "د. مروان"، وهو في أواخر العشرينات من العمر، والذي حجبنا اسمه وأسامي آخرين من أجل سلامتهم، رجلا خارج المستشفى الذي يعمل كان يعمل فيه. قال إن الرجل كان مسجونا لدى الحوثيين وكان مصابا بطلقات نارية، وتركوه على جنب الطريق بعد أن منعوا عنه العلاج في مكان آخر.

في منتصف 2016، جاء مسلحون إلى المستشفى بحثا عن د. مروان. أخذوه بينما كان يعالج مريضا وعصبوا عينيه واقتادوه بعيدا. وضعوه في غرفة تعبق برائحة البول. قال إن أحد المحققين سحبه من ربطة عنقه وصفعه، واتهمه بأنه "طبيب داعشي". وقال للحراس أن "يهتموا به جيدا".

اتهمه الحراس بالعمل مع المقاومة لأنه عالج ذاك المريض في 2015 وضربوه بقضيب حديدي على أخمص قدميه. قال لهم مروان إن من واجبه كطبيب أن يداوي المريض. "ركلني أحد الحراس على وجهي بينما كنت أتكلم. وكنت لا أزال مرتديا المريول الأبيض".

في اليوم الثاني، علقه الحراس من يديه المكبلتين وصاروا يقلعون أظافره بالكماشة. أخذ يغيب عن الوعي، لكنهم كانوا يصبون عليه الماء ويكملون.

بقي هناك 20 يوما ثم نُقل إلى قلعة الحديدة التي يستخدمها الحوثيون كمركز احتجاز غير رسمي. أخذه الحراس إلى غرفة صغيرة سمّاها "كومة نفايات" وتركوه مكبلا إلى الحائط لعدة أيام. وقال إن الحراس الذين كانوا يجلبون له الطعام كانوا يسرعون بالمغادرة بسبب الرائحة.

لاحقا، نقل الحراس مروان إلى زنزانة جديدة وعذبوه بالصدمات الكهربائية. وبعد بضعة أسابيع وُضع في زنزانة أخرى مع محتجزين آخرين، منهم طفل عمره 13 عاما. وجد شخصا لديه إصابة في رِجله فسأل الحراس إن كان بإمكانه معالجته فضربوه وأعادوه إلى الغرفة الصغيرة التي فيها نفايات ليوم واحد كعقاب.

في أحد الأيام أخذوه إلى الغرفة الصغيرة لمعاينة محتجز آخر. قال مروان: "كان مكبلا إلى الحائط. كان واضحا أنه ميت منذ وقت طويل". بعد ذلك، ضرب الحراس مروان وهددوه بالقتل إذا ما تكلّم عمّا رآه.

نقل الحوثيون جميع المحتجزين إلى السجن المركزي في الحديدة. قال لهم العناصر إنه سيتم الإفراج عنهم، لكنهم ظلوا محتجزين. بعد بضعة أيام جاء مسؤول حوثي مع رجاله وصاروا يطلقون النار على المحتجزين بعد أن رفض أحدهم الذهاب معهم. قال مروان إن 4 منهم أصيبوا وواحد منهم لم يعد إلى الزنزانة. زعم الحوثيون أنهم أفرجوا عنه.

بعد نحو 15 شهرا، أُفرج عن مروان في أواخر 2017 بعد أن دفعت أسرته 3 ملايين ريال للمسؤولين الحوثيين. علمت أسرته أنه على قيد الحياة بعد 5 أشهر من اختفائه، بعد أن قال لهم أحد المفرج عنهم إنه كان محتجزا معه. قال مروان إنه توقف عن ممارسة الطب والتحق بالجيش اليمني التابع للحكومة.

"سليم"، حديدة وصنعاء

في أوائل 2015، ذهب "سليم"، (45 عاما)، إمام الجامع المحلي وأب لثمانية أطفال يعمل أستاذا، مع ابنه البكر للصلاة. حاصرت الجامع 5 مركبات على الأقل منها 3 شاحنات عسكرية. دخل 24 رجلا إلى الجامع وقال أحدهم لسليم إن الحوثيين يريدون مقابلته، فرفض المغادرة معهم. ونشب شجار بين الحاضرين وقوات الحوثيين. ضرب المسلحون الناس بأكعاب البنادق. وقال سليم إنهم ضربوه على رأسه من الخلف وأُغمي عليه.

لم تعرف أسرته مكانه، وقالت زوجته "كنّا خائفين كثيرا". بعد 3 أيام علمت الأسرة أنه لدى جهاز الأمن السياسي في الحديدة. في البدء رفض الحراس السماح لأسرته بزيارته ثم سمحوا لهم بزيارتين أسبوعيا.

في أحد الأيام، قال عنصر إن سليم مريض جدا وهو في المستشفى. بعد 10 أيام تقريبا، اقتحم مسلحون غرفته في المستشفى ليلا. وقالت زوجته التي كانت معه:

طلبت من موظفي المستشفى الاتصال بطبيب ليأتي فورا. جاء الطبيب وقال لهم إن المريض لا يتحمل الخروج من المستشفى وإلا تعرضت صحته للخطر. لكن المسلحين قالوا: "سننقله إلى مستشفى آخر وأفضل". أخذوه على كرسي متحرك، لكننا لم نعرف إلى أين.
  
لاحقا، قال موظفو المستشفى لزوجته إن 4 شاحنات عسكرية على الأقل والعديد من المسلحين كانوا يحاصرون المستشفى. وبعد بضعة أيام، أُعيد سليم إلى جهاز الأمن السياسي. في 2017، قالت زوجته: "دفعنا المال لوسطاء للتكلم مع بعض المسؤولين الحوثيين... وكنّا نتنقّل بين أبو فلان وأبو علّان... وندفع هنا وهناك، وكلّ ذلك بالدَّيْن... لدي 8 أطفال". قال محامٍ كان يتابع القضية إنه أُفرج عن سليم أوائل 2018 بعد أن دفعت أسرته 10 ملايين ريال للحوثيين.

"ناصر"، صنعاء

أوقف الحوثيون ناصر أواخر 2015. وقال إنه تعرض لسوء المعاملة واحتُجز في عدة مواقع لكن لم توجه إليه أي تهمة. في البدء، احتُجز في معسكر في صنعاء حيث ضربه الحراس يوميا:

أتذكر جيدا أسلوب الضرب هذا. ربطوا رِجلَيّ ويديّ وعلّقوني من يديّ وراح 3 أو 4 رجال يضربونني. جلدني بعضهم بالأسلاك والخراطيم المطاطية بينما لكمني آخرون وركلوني.

أمره الرجال بإطلاعهم على المكان الذي خزنت فيه أسرة بارزة، كان قد عمل لديها قبل الحرب، الأموال والأسلحة. ربطوه بشجرة معرّضة للغارات الجوية وقالوا له إنه إذا مات فسيلقون اللوم على التحالف بقيادة السعودية. ونقلوه إلى 4 مواقع أخرى، تعرّض أحدها فعلا إلى غارة جوية. انتهى به الأمر في مركز الثورة للحبس الاحتياطي وأُفرج عنه أوائل 2018 بعد أن دفعت أسرته مليون ريال للوسطاء الحوثيين.

"سحر"، صنعاء

قالت "سحر"، التي عملت مع مجموعتَيْ إغاثة خلال النزاع، إن الحوثيين غالبا ما كانوا يتدخلون بالمساعدات الإنسانية، بما في ذلك عبر إضافة أسماء إلى لائحة المستفيدين وطلب مئات الصناديق للضباط أو أُسر مقاتلين متوفين، وفي بعض الأحيان حاولوا تغيير "البرنامج العمل بأكمله". في 2017، دعاها ضابط في جهاز الأمن القومي إلى اجتماع.

ذهبت لأنها لم تُرد "أن تغضبهم". أخذها الضابط إلى مبنى مهدم بأغلبه في صنعاء القديمة وأخذ هاتفها الخلوي وحقق معها بعدائية متزايدة حول أنشطة منظمتها.

أبقوها هناك لمدة 3 ساعات، وطلبوا منها أن تتجسس على عمل وكالات الإغاثة، هددوها وذكروا تفاصيل محددة عن أفراد أسرتها. قالت: "كنت على الأرض أرتجف".

في نهاية المطاف أجبرها الرجال على التوقيع على ورقة بيضاء: "بالطبع وقّعت، أردت أن أعود إلى المنزل". وقالت إن الضباط قالوا لها، "كل شيء متاح. يمكننا سحبك من منزلك أو أي مكان. لا نحتاج إلا لسيارة واحدة [لنأخذك بعيدا]". هربتْ من صنعاء.

يحيى الحايق، الحديدة

أواخر 2016، أوقف حوثيون مسلحون يحيى الحايق، أستاذ ثانوي في الحديدة. قال إنه كان مكبلا، معصوب العينين وإنه اقتيد إلى نادي الضباط، وهو مبنى مهدم كان يُستخدم في السابق للمناسبات الاجتماعية. واحتُجز لمدة شهر ونصف في الحبس الانفرادي بينما كانوا يحققون معه.

قال إن المحقق كان يأمره بالقيام بتمارين مؤلمة ويضربه عندما يتوقف، وكان يكبله ويعلقه من ذراعيه لفترات طويلة "حتى أصبح ذراعاي ممدودَين نحو السقف بينما بالكاد تلمس قدميّ الأرض". اتهمه المحققون بالعمل مع التحالف بقيادة السعودية والقوات المعادية للحوثيين.

قال "استسلمت" خلال جلسة التحقيق الثالثة وقال لهم إنه سيوقّع على أي وثيقة يريدون. لكن لم يتوقف سوء المعاملة والتهديد بالقتل وأذية أسرته. في إحدى المرات وجّه حارس مسدسا إلى رأسه بينما قال له آخر "لا، لا تقتله، سيتكلّم". وقال يحيى إن "الـ15 يوما تلك كانت أسوأ أيام حياتي".

وبعد شهر نُقل، محمولا بسبب إصاباته، إلى مركز احتجاز آخر غير رسمي في قلعة الحديدة. عاينه طبيب محتجَز وقال للحراس إنه بحاجة للعلاج – كان مصابا بجروح وسوء التغذية والجفاف. رفض الحراس السماح له بمغادرة السجن لكنهم أحضروا بعض السوائل لمعالجته.

لم يتعرض الحايق لسوء المعاملة في القلعة لكنه أعطى أسماء محتجزين تعرضوا لذلك. فقد رأى الحراس يضربون أشخاصا بالأسلاك ويقلعون أظافرهم. ورأى أحد طلابه، الذي كان قد اختفى خلال عامه الدراسي الأخير، بين المحتجزين.

أواسط 2017، أخذ الحوثيون جميع المحتجزين – نحو 140، بحسب محتجزَين سابقَين – من القلعة، أفرجوا عن البعض ونقلوا الآخرين. كان الحايق ضمن الدفعة الأخيرة ونُقل إلى السجن المركزي. بعد أيام قليلة من إطلاق الحراس النيران على المحتجزين نُقل إلى سجن صنعاء المركزي حيث بقي نحو 5 أشهر ثم أُفرج عنه في عملية تبادل أسرى. لم تكن أسرته تعرف أي شيء عن مكانه حتى نُقل إلى صنعاء حيث سُمح له بالاتصال بهم.

لا عدالة في وجه سوء المعاملة

سيطرت مجموعة الحوثيين المسلحة بقيادة عبد الملك الحوثي على العاصمة صنعاء وأغلب شمال اليمن منذ سبتمبر/أيلول 2014. الرئيس السابق كان حليفا للحوثيين، وكانت قوات موالية له وأعضاء من "حزب المؤتمر الشعبي العام" يشاركون في حكم هذه المناطق.

تم الاتفاق على الإدارة المشتركة لصنعاء ومناطق أخرى بين الحوثيين وصالح في 28 يوليو/تموز 2016 عندما أعلن الحوثيون وحزب المؤتمر الشعبي العام تشكيل "المجلس السياسي الأعلى" لإدارة البلاد. أشرف المجلس على وزارة الداخلية في صنعاء، التي أشرفت بدورها على مراكز الاحتجاز في اليمن تحت سيطرة الحوثيين-صالح.

في ديسمبر/كانون الأول 2017، نشب نزاع بين الحوثيين وقوات صالح، وقتل الحوثيون الرئيس السابق صالح في 4 ديسمبر/كانون الأول. عزّز الحوثيون سيطرتهم بسرعة على صنعاء والمحافظات المجاورة.

أواخر 2017، عيّن المجلس السياسي الأعلى العميد عبد الحكيم أحمد الماوري وزيرا للداخلية. ونائب وزير الداخلية، المسؤول عن مراكز الاحتجاز، اللواء الركن عبد الحكيم هاشم الخيواني (أبو الكرار). من مراكز الاحتجاز الرسمية التابعة لوزارة الداخلية والتي في الحالات التي وثّقتها هيومن رايتس ووتش تشمل: السجن المركزي، قسم البحث الجنائي ومركزي الحبس الاحتياطي، الثورة وهبرة، وفي الحديدة: السجن المركزي.

حدّد محتجزون سابقون وأقاربهم ومحاموهم عددا من مراكز الاحتجاز غير الرسمية حيث احتُجز أشخاص وأُخفوا وتعرضوا لسوء المعاملة والتعذيب. من المواقع التي وثّقت فيها هيومن رايتس ووتش انتهاكات: في صنعاء، مقر جهاز الأمن القومي، مقر جهاز الأمن السياسي، جامع زين العابدين؛ في الحديدة، مقر جهاز الأمن السياسي، نادي الضباط، والقلعة. أُغلق بعضها منذ ذلك الحين. ويبقى عدد هذه المراكز والأشخاص المحتجزين فيها مجهولا.

يستخدم مديرو السجون والحراس الحوثيون أسماء أمنية ما يصعّب تحديد هوياتهم. وثّقت هيومن رايتس ووتش العديد من الاحتجازات التعسفية على يد جهاز الأمن السياسي وجهاز الأمن الوطني، وكالتا الاستخبارات اليمنية الأساسية، واللتان تملكان سجلا سيئا باحترام حقوق الإنسان، حتى قبل اندلاع النزاع الحالي. قال محتجز سابق ومحام يعمل في صنعاء إن مدير سجن جهاز الأمن السياسي يُدعى "أبو عقيل". في يناير/كانون الثاني، عيّن المجلس السياسي الأعلى  عبد القادر الشامي، والذي اضطلع بدور مدير الجهاز منذ أواخر 2015، مديرا للسجن. وقال محام يعمل في صنعاء ومحتجز سابق إن "أبو عماد" يشرف على المحتجزين لدى جهاز الأمن القومي.

في 2017، حدد فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة 11 عضوا من الجهازين يتحملون مسؤولية – في قوات الحوثي-صالح – ارتكاب أو إصدار الأوامر للتوقيفات التعسفية والحرمان من الحرية والتعذيب (حتى الأطفال) الحرمان من الرعاية الصحية بسرعة وإخفاءات قسرية لفترات طويلة وعدم اتّباع الإجراءات اللازمة و3 وفيات خلال الاحتجاز. وجد الفريق أن "أبو عماد"، والذي اتضح أنه مطلق عامر المرّاني، متورط في جميع الانتهاكات الـ16 التي حقق فيها.




ساهم طلّاب من "عيادة حقوق الإنسان الدولية" في كلية الحقوق في "جامعة هارفرد" في هذا البحث ومنهم، زينب بوراوي، دانيشا غرايدي، طارق زيدان، وجانم أوزييلدريم.


رابط التقرير
https://www.hrw.org/ar/news/2018/09/25/322803