الحوثي يعزل اليمن خارجياً
صنعاء/عدنان الراجحي:
باتت التطورات المتسارعة في اليمن تدخل مساراً جديداً في
ظل استمرار جماعة الحوثي المسلحة في تقويض سلطات الدولة الشرعية ونهب كل مؤسساتها
خاصة المؤسسة الأمنية والعسكرية والعبث بها، كل تلك المؤشرات صنعت واقعاً جديداً يرفضه
غالبية اليمنيين نتيجة ما سعت وتسعى له جماعة الحوثي لتحقيقه بقوة السلاح.
وفي ظل الاحداث والمتغيرات الواقعة على الساحة اليمنية
وحالة الترقب الشديدة من كافة شرائج المجتمع اليمني فإن انسداد افق الحل السياسي
بين كافة الأطراف والقوى السياسية بدأت البلد تنحدر انحداراً مخيفاً قد يكون أولى خطوات
الدخول في اتون حربا طائفية واهلية لا يحمد عقباها.
المباحثات والمفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة عبر
مبعوثها الى اليمن جال بن عمر بين الأحزاب السياسية وجماعة الحوثي لم تتوصل الى حل
سياسي جذري لتحاوز الازمة الحالية وتجنيب البلاد حالة الفوضى المتوقعة وفقاً لما
حذره من مراقبون وسياسيون في الداخل والخارج.
المواقف الدولية إزاء ما يحدث في اليمن لم تكن إيجابية كثيراً
ونما كانت مواقف غير مفهومة، يرى الكثير انها أعطت الضوء الأخضر لقوى وجماعات فرض
واقعاً جديداً على الساحة اليمنية، لم تكن دعوات المجتمع الدولي الى انهاء الازمة
الحالية مُجدية لليمنيين ولم تمنحها الدعم الكامل لضمان تجاوز المرحلة العصيبة
التي تمر بها البلاد.
أطلقت قوى دولية وإقليمية تصريحاتها على ما يحدث في
اليمن من تغيرات معاكسة للمرحلة الانتقالية التي كان يقودها الرئيس اليمني المستقيل
عبدربه منصور هادي كثر من التحذيرات لخطورة الوضع على كيان الدولة والمجتمع اليمني،
الا ان تلك التصريحات والتحذيرات لم تتبعها خطوات عملية على ارض الواقع.
استراتيجية التحالفات التي ظهرت الى السطح مؤخراً على
المستوى المحلية اليمنية خاصة منذ ان دخل الحوثيون صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 خلط
الأوراق وإعادة ترتيبها من كل الأطراف، التحالف الي ظل يتداوله الجميع على مستوى
الشارع اليمني هو ذاك التحالف الحذر القائم بين الرئيس اليمني السابق علي عبدالله
صالح وجماعة الحوثي المسلحة الذي استطاع صالح من خلاله ضرب خصومه وايقاع الحوثيين
في فخ كبير.
فقد مثل سيطرة جماعة الحوثي على دار الرئاسة اليمنية في
العاصمة صنعاء في 20يناير/كانون الثاني من هذا العام منعطفاُ اخر للمشهد السياسي
اليمني ومحاولة الحوثيين عرقلة كل المساعي السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية
لإنهاء التوتر الذي سبق المواجهات التي شهدتها صنعاء بين الحوثيين وقوات من
الحماية الرئاسية والعودة الى طاولة الحوار وانهاء فتيل الحرب.
اوجدت استقالة الرئيس هادي وحكومة الكفاءات برئاسة بحاح
حالة فراغ دستوري كبير وضع الحوثيين والقوى السياسية كاملةَ امام اختبار صعب وشاق يقيس
مدى قدرة على التصرف إيجاد الحلول لسد الفراغ القائم، وهو ما أعاد المبعوث الدولي
الى اليمن جمال بن عمر يقود مشاورات وجهود اممية لإيجاد حل وسد الفراغ الدستوري
والساسي الذي تركه الرئيس هادي وحكومة بحاح.
الخطوة التي قام بها هادي وبحاح أوقعت جماعة الحوثي
المسلحة في مرحلة اختبار وقدرة على إدارة المرحلة بدونهما وانفراداً بالقرار
السياسي بعيداً عن كل القوى السياسية بما فيها حزب المؤتمر الحليف الأقوى لجماعة
الحوثي من سيطرتها على العاصمة صنعاء.
ومنذ تلك الفترة المباحثات والمفاوضات بقيادة مبعوث الأمين
ومستشاره الخاص الى اليمن جمال بن عمر وبمساعدة كبرى الدول الغربية مرت بحالة تخبط
وانسداد وفشل في التوصل الى اتفاق سياسي تحت مظلة مخرجات الحوار الوطني واتفاق
السلم والشراكة.
سعى الحوثيون الى اتخاذ قرار وصفه الكثير بالانفراد واعلانه
ما يسمى "الإعلان الدستوري" في السادس من فبراير/شباط من العام الجاري
وهو ما اوجد ردة فعل كبيرة من كافة القوى السياسية والشارع اليمني وحتى على المستوى
الإقليمي والدولي.
واجه الحوثيون ردود مختلفة وضاغطة عليهم خاصة من الدول
التي تراقب العملية السياسية والحوارات عن كثب بينها الولايات المتحدة الامريكية
والاتحاد الأوربي وروسيا والأمم المتحدة ومجلس دول التعاون الخليجي، وهو ما اشعر
الحوثيين أنفسهم اتخاذهم خطوة غير مدروسة ومعرفة نتائجها.
كل تلك التطورات القت بظلالها على جماعة الحوثي التي يرى
الكثير انها السبب الرئيسي فيما وصلت اليه البلاد مؤخرا نتيجة تعنتهم وفرض مطالبهم
تحت تهديد السلاح وبالطريقة التي يريدون، الامر الذي خلق حالة استياء بين أوساط الساسة
والمراقبين للوضع في اليمن وخالق ايضاً موجة غصب عارمة على مستوى الشارع اليمني
وهو ما جعل المناوئين لجماعة الحوثي المسلحة بالخروج الى الشارع احتجاجاً على ما
تمارسه جماعة الحوثي.
الموقف الدولي بدأ بالتحرك ولو لم يكن على المستوى الذي
يتوقعه الكثير فقد اعتبر المجتمع الدولي بمن فيهم واشنطن ودول مجلس التعاون
الخليجي ان ما قامت به جماعة الحوثي من اعلان دستوري يعد انقلابا مكتمل الأركان على
شرعية الدولة التي كان يثملها الرئيس هادي الذي يعيش تحت الإقامة الجبرية من قبل
جماعة الحوثي.
وبشكل مفاجئ وعقب التصريحات التي أطلقها الأمين العام للأمم
المتحدة بان كي مون من العاصمة السعودية الرياض أعلنت عدد من كبرى الدول اغلاق
سفاراتها بصنعاء في خطوة لمعاقبة جماعة الحوثي بعيدا عن أي قرار مرتقب من مجلس
الامن الدولي الذي أصدر بياناً يؤكد فيه ما أقدمت عليه جماعة الحوثي غير مقبول وهو
انقلاباً على شرعية الرئيس هادي.
الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، والسعودية
أغلقت سفاراتها نتيجة لما قالت عنه تدهور الأوضاع الأمنية التي تشهدها اليمن
والغياب الكامل لمؤسسات الدولة التي يسيطر عليها الحوثيين، فيما يقول الكثير ان
تلك الخطوات انما هي عقاب سياسي ودبلوماسي لجماعة الحوثيين التي تحاول الانفراد
بالمشهد السياسي اليمني بعيداُ عن القوى السياسية.
تلك الخطوة ونتيجة ما تقوم به المليشيات المسلحة للحوثي فقد
عُزلت اليمن خارجيا نتيجة سحب كافة البعثات الدبلوماسية العاملة في اليمن لكبرى
الدول وهو ما سيؤثر على المواطن العادي، في ظل تردي الأوضاع وعلى كافة المجالات
الاقتصادية والأمنية والسياسية.
موجة الغضب العارمة في مختلف محافظات اليمن زاد منن
تعقيدات المشهد وشكلت تلك الاحتجاجات نقلة كبيرة ومناوئة لجماعة الحوثي وانقلابها
على مؤسسات الدولة الشرعية والانقلاب على مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم
والشراكة التي وقعت عليها كافة الأطراف عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء.
وبهذا تكون التداعيات بعد تلك الخطوات المتصاعدة مسؤول
عنها جماعة الحوثي المسلحة وما ستؤول اليه الأوضاع المرشحة الى الفوضى والعنف مالم
تتدارك القوى السياسية الحل وإخراج البلد من الوضع الراهن وتحمل مسؤولية البلد
والوصول به الى بر الأمان.
عزل اليمن خارجيا بحاجة الى جهود كبيرة على المستوى
المحلي ومن كافة القوى والأحزاب السياسية اليمنية لإعادة العلاقات بين الدول التي أغلقت
سفاراتها الى اجل غير مسمى نتيجة ممارسة الحوثيين وتصدرهم للمشهد بقوة السلاح وعدم
اظهار النوايا للتوصل الى حلول نهائية لإنهاء الحالة المزرية التي تعيشها اليمن.
اغلاق سفارات الدول التي عُرف عنها تقديم الدعم الكامل
لليمن خلال عقود من الزمن يعتبر مؤشراً خطيراً بالنسبة لليمن، فكل القراءات تبين ان
البد في طريقة للانهيار في كل المجالات خاصة المجال الاقتصادي ودخول البلاد في
حالة فوضى وعنف واقتتال مستمر سيعم البلاد كلها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق