المتهم معتنق الديانة البهائية
هيومن رايتس:
تدعو اليمن الى إسقاط التهم الموجهة للايراني حامد كمال حيدرة المتهم بالتخابر مع اسرائيل
صنعاء/عدنان الراجحي:
دعت منظمة
هيومن رايتس ووتش السلطات اليمنية الى إطلاق سراح الإيراني حامد كمال محمد بن
حيدرة المحتجز لديها بتهمة التخابر مع إيران.
ودعت
المنظمة اليمن الى اسقاط التهم الموجهة لحيدرة واحترام الأقليات الدينية وانهاء
الاضطهاد التي تمارسه السلطات اليمنية ضد تلك الاقليات.
نص الخبر الذي نشرته هيومن راتس ووتش في
موقعها:
قامت السلطات باحتجاز
حامد كمال محمد بن حيدرة، 50 عاماً، بدون محاكمة منذ ديسمبر/كانون الأول 2013، وكثيراً
ما حرمته من التواصل مع محاميه وذويه، وعرضته للتعذيب، كما قالت زوجته، إلهام محمد
حسين زرعي، لـ هيومن رايتس ووتش.
وقالت سارة ليا
ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش:
"تبدو التهم الموجهة إلى حامد كمال حيدرة مستندة برمتها إلى اعتناقه للديانة البهائية،
في انتهاك صارخ لحقه في حرية الدين. وينبغي الإفراج عن حيدرة فوراً، والتحقيق في مزاعمه
عن التعرض للتعذيب".
وفي 8 يناير/كانون
الثاني 2015، أصدرت نيابة محكمة الجزاء المتخصصة لائحة اتهام تزعم أن حيدرة مواطن إيراني
ينتحل اسماً مستعاراً، وصل إلى اليمن في 1991. إلا أن الصور الضوئية لبطاقته الشخصية
وجواز سفره التي قدمتها زوجته تبين أنه ولد في اليمن في 1964.
وقد وجهت إليه
النيابة تهمة التعاون مع إسرائيل من خلال عمله لحساب "بيت العدل الأعظم"،
وهو المؤسسة العليا الحاكمة للديانة البهائية، والكائنة بحيفا في إسرائيل. زعمت النيابة
أيضاً أنه استدرج مسلمين إلى اعتناق البهائية عن طريق الهبات الخيرية، وحاول
"إقامة وطن لأتباع الديانة البهائية في اليمن".
في لائحة الاتهام
التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش، تتهم النيابة حيدرة بموجب قانون العقوبات اليمني
بأنه ارتكب "عملاً ينتهك استقلال الجمهورية ووحدتها أو سلامة أراضيها" وبـ
"العمل لصالح دولة أجنبية" وبـ" إهانة الإسلام" وبـ"الردة"،
وهذا ضمن جرائم أخرى. طالبت النيابة بـ"أقصى عقوبة ممكنة"، وهي الإعدام في
بعض التهم المذكورة، ومصادرة ممتلكاته. وقام مكتب النيابة بإبلاغ حيدرة بأن موعد جلسته
التالية تقرر في 22 فبراير/شباط 2015.
وكان ضباط من مكتب
الأمن الوطني، وهو أحد أجهزة المخابرات في البلاد، قد قاموا باعتقال حيدرة من محل عمله
في بلحاف بمحافظة شبوة في جنوب اليمن في 3 ديسمبر/كانون الأول 2013، ونقلوه إلى مقر
احتجاز تابع لمكتب الأمن الوطني في العاصمة صنعاء. وفي 17 ديسمبر/كانون الأول، قام
ستة من رجال الأمن بتفتيش منزله ومصادرة أوراق وحواسب محمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية،
كما قالت زوجته لـ هيومن رايتس ووتش. وقالت إن السلطات، رغم استعلاماتها المتكررة،
رفضت تقديم أية أسباب لاحتجازه حتى أغسطس/آب 2014.
وأثناء الشهور
التسعة الأولى من احتجاز حيدرة، حرمته السلطات من التواصل مع محاميه ومع ذويه، بحسب
زرعي. وقد سُمح لها بالتحدث معه للمرة الأولى هاتفياً في 3 يونيو/حزيران 2014، لكنها
لم تستطع زيارته قبل 2 سبتمبر/أيلول، في أعقاب تدخلات من دبلوماسيين أجانب وآخرين.
وبعد ذلك أحالت السلطات ملف قضيته إلى النائب العام.
وقال حيدرة لزوجته إن الضباط،
أثناء الـ45 يوماً الأولى من سجنه، كانوا يضربونه بقضيب معدني، مما تسبب في فقدانه
السمع في الأذن اليسرى، ويعرضونه للصدمات الكهربية، ويرغمونه على الوقوف في دلو من
الماء البارد.
وقال إن ضباط الأمن الوطني اتهموه بالتجسس لصالح إسرائيل، وبالتبشير،
وأرغموه على التوقيع على وثيقة من 19 صفحة بينما كان معصوب العينين وبغير أن يعرف محتواها.
وفي 6 أكتوبر/تشرين الأول 2014، نقلت السلطات حيدرة إلى سجن صنعاء المركزي.
وقالت زرعي لـ
هيومن رايتس ووتش إنه أثناء اجتماع في 4 سبتمبر/أيلول 2014 مع أحد القضاة الذين ينظرون
القضية، هددها القاضي بالسجن بسبب ديانتها، وقال لها إن جميع البهائيين مكانهم السجن.
وتتعلق معظم التهم
الموجهة إلى حيدرة بممارسته للديانة البهائية، وهي تنتهك المادة 18 من العهد الدولي
الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يقرر أن: "لكل إنسان حق في حرية الفكر
والوجدان والدين.
ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو
معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم،
بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة". ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا بالقيود
"الضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة
أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية". وقد صدق اليمن على العهد في 1987 وهو ملزم
بتنفيذ بنوده بموجب القانون الدولي للمعاهدات.
ويشتمل قانون العقوبات
اليمني على أحكام تفرض عقوبات جنائية على الخروج من الإسلام، إضافة إلى محاولة تبشير
المسلمين بديانة أخرى.
ويعيش في اليمن
نحو ألف من أتباع البهائية. وليست القضية المقامة بحق حيدرة هي الأولى من نوعها في
اليمن، بحسب ممثلين للطائفة البهائية العالمية. ففي يونيو/حزيران 2008 قام ضباط من
الأمن الوطني باعتقال البهائي بهروز روحاني واثنين من أصدقائه البهائيين الوافدين،
وكانوا جميعاً يحملون جوازات سفر إيرانية، من منزل روحاني في صنعاء.
قال روحاني لـ
هيومن رايتس ووتش إن الضباط قيدوا أيديهم وعصبوا أعينهم ثم فتشوا منزله وصادروا العديد
من الكتب البهائية وأشرطة الفيديو والوثائق. وقالوا إنهم ظلوا مقيدي الأيدي ومعصوبي
الأعين طوال أول يومين من الاحتجاز.
في اليوم التالي
اعتقل الضباط بهائياً رابعاً، كان يحمل جواز سفر عراقي. وقال روحاني لـ هيومن رايتس
ووتش إن الضباط كانوا يستجوبونه في الأسبوع الأول كل ليلة لمدة 5 أو 6 ساعات، مع سؤاله
عن ديانته واتهامه بمحاولة تبشير المسلمين والتعاون مع إسرائيل. تم الإفراج عن الأربعة
بدون اتهام بعد 120 يوماً. وأمرتهم السلطات بمغادرة اليمن خلال شهرين، لكن هذا الأمر
ألغي لاحقاً وما زال اثنان منهم يعيشان في اليمن.
وقد أفاد نشطاء
حقوقيون محليون بأن حكومات اليمن السابقة كانت بدورها تفرض قيوداً غير مشروعة على أقليات
دينية أخرى، منها أفراد مسيحيون ويهود وإسماعيليون.
وتخشى زرعي، بناءً
على تعليقات تقول إنها سمعتها من ضباط مكتب الأمن الوطني، أن تقوم السلطات بترحيل حيدرة
إلى إيران. وتشكل معاقبة المواطنين بالنفي انتهاكاً للحقوق الأساسية بموجب القانون
الدولي، فالمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تقرر أنه:
"لا يجوز حرمان أحد، تعسفاً، من حق الدخول إلى بلده".
وقد قامت لجنة حقوق
الإنسان، وهي لجنة الخبراء الدوليين التي ترصد الامتثال للعهد، بتفسير المادة 12 بأنها
تعني أن حكمها يشمل نفي المواطنين أو حظر دخولهم استناداً إلى قوانين وطنية قمعية.
وخلصت اللجنة إلى أنه "قلَّما تكون هناك ظروف - إذا وجدت أصلاً - يمكن أن تعتبر
معقولة لحرمان شخص ما من الدخول إلى بلده. ويجب على الدولة الطرف ألا تُقْدِم - بتجريد
شخص ما من جنسيته أو بطرده إلى بلد آخر - على منعه تعسفاً من العودة إلى بلده".
قالت هيومن رايتس
ووتش إنه حتى إذا تبين أن حيدرة ليس مواطناً يمنياً فإن ترحيله إلى بلد يواجه فيه الاضطهاد
أو الإساءة يظل غير جائز. ومن شأن حيدرة على الأرجح أن يتعرض للاضطهاد في إيران بسبب
ديانته البهائية.
وقد كانت حيفا،
في إسرائيل الحالية، هي المقر الإداري للديانة البهائية منذ 1868، إبان خضوع المدينة
للحكم العثماني. وقد دأبت الحكومة الإيرانية، مثلها مثل السلطات اليمنية في حالة حيدرة،
على استغلال هذه الصلة لاتهام البهائيين في إيران بالتجسس لحساب إسرائيل، التي تتسم
علاقات إيران معها بالعدائية.
وقد تأسست الديانة البهائية في إيران، لكن أفرادها يعانون
من اضطهاد شديد هناك، يشمل الاحتجاز التعسفي والملاحقة التي لا تتعلق بشيء سوى أنشطتهم
الدينية، وتقييد وصولهم إلى التعليم العالي، ومصادرة الممتلكات، وتدمير وتدنيس مقابرهم.
كما يقوم القضاء الإيراني في أحيان كثيرة باتهام البهائيين وإدانتهم بتهم الارتباط
غير المشروع بحكومات أجنبية، بما فيها إسرائيل.
ويقضي سبعة من قادة الطائفة البهائية
في إيران أحكاماً بالسجن تترواح بين 7 و20 عاماً، بتهم تشمل الدعاية ضد الدولة والتجسس
نيابة عن حكومة أجنبية.
قالت ويتسن:
"إن حامد كمال حيدرة هو ضحية لسياسة الحكومة اليمنية التي تضطهد البهائيين. وتلقي
القضية ضوءاً مثيراً للانزعاج على معاملة الحكومة السيئة للأقليات الدينية في البلاد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق